محمد إبراهيم (الجزائر)

نجح الحراك الشعبي الجزائري في الإطاحة بـ«الباء الثانية» من بين «الباءات الأربعة» التي يطالب بإقالتها، إذ قدم معاذ بوشارب رئيس المجلس الشعبي الوطني، الغرفة الثانية في البرلمان، استقالته أمس من منصبه، بعد 4 أشهر من التظاهرات الرافضة له والتي وصلت إلى داخل البرلمان.
ويطالب الحراك الشعبي الجزائري بتنحي رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة عن الحكم، وفي مقدمتهم «الباءات الأربعة»، وهو مصطلح أطلقه الحوار على 4 مسؤولين، يبدأ لقبهم بحرف الباء هم: عبد القادر بن صالح الرئيس المؤقت، ونور الدين بدوي رئيس الحكومة، ومعاذ بوشارب الذي استقال أمس، والطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري (أعلى هيئة قضائية في البلاد) الذي استقال في أبريل الماضي، استجابة لمطالب الحراك.
وقال بيان للمجلس الشعبي الوطني أمس: «إنه طبقاً للمادة 18 من النظام الداخلي، عقد مكتب المجلس اجتماعاً برئاسة نائب رئيس المجلس محمد موساوجة الذي كلفه السيد معاذ بوشارب بتبليغ استقالته للمكتب، وبعد أخذ أعضاء المكتب علماً بالاستقالة، أقر المكتب بالإجماع حالة شغور منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني بسبب الاستقالة، ووفقاً لأحكام المادة 10 من النظام الداخلي، قرر مكتب المجلس إحالة ملف شغور منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني إلى اللجنة القانونية والإدارية والحريات لإعداد تقرير إثبات الشغور». وأشار البيان إلى أنه تقرر تكليف نائب الرئيس السيد تربش عبد الرزاق تسيير شؤون المجلس إلى غاية انتخاب رئيس جديد.
وكان مقرراً أن يختتم المجلس دورته البرلمانية العادية لعام 2018 - 2019 أمس، إلا أن استقالة بوشارب مددت الدورة، بحسب تصريح لعبد الحميد سي عفيف، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس، أكد فيه تأجيل اختتام دورة المجلس لحين انتخاب رئيس جديد للمجلس خلفاً لبوشارب.
وقال سي عفيف، وهو أيضاً عضو في اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني الذي ينتمي له بوشارب: «إن رئيس المجلس الشعبي الوطني معاذ بوشارب قدم استقالته إلى مكتب المجلس، وبالتالي تقرر تأجيل جلسة اختتام الدورة، التي كانت مقررة أمس لحين انتخاب رئيس جديد للمجلس».
وأشار إلى أنه سيتم تحديد موعد لاحق لعقد جلسة علنية، تخصص لإثبات شغور منصب رئيس الغرفة الثانية بالبرلمان ثم انتخاب رئيس جديد في وقت لا يتعدى 15 يوماً.
وكان بوشارب (48 عاماً)، حتى أكتوبر الماضي، نائباً في البرلمان عن ولاية سطيف (شمال شرق) التي ينحدر منها، قبل أن يتم تصعيده على رأس المجلس الشعبي الوطني خلفاً للسعيد بوحجة، في إجراء شابه الكثير من الجدل، بسبب طريقة إجبار بوحجة على الاستقالة.
وفي الشهر نفسه، تم تصعيد بوشارب على رأس حزب جبهة التحرير الوطني الذي كان يرأسه بوتفليقة ويقود الائتلاف الحاكم في البلاد، واستحدث الحزب منصباً جديداً لبوشارب أسماه «المنسق العام للحزب» بديلاً لمنصب الأمين العام الذي كان يشغله جمال ولد عباس.
ودفع هذا التصعيد البعض لتوقع أن يترشح بوشارب للانتخابات الرئاسية بديلاً لبوتفليقة باعتباره وجهاً شاباً مقبولاً، إلا أنه في فبراير الماضي أعلن بوشارب دعمه لترشح بوتفليقة لفترة رئاسية خامسة برغم تدهور حالته الصحية، وهاجم معارضي الفترة الخامسة بعبارات ساخرة جلبت له سخطاً شعبياً، ووضعته على رأس من يطالب الحراك الشعبي بإقالتهم.
وشهدت الفترة الماضية مطالبات من العديد من النواب له بالاستقالة، حتى الكتلة البرلمانية لحزبه، وتم سحب الحراسة الأمنية منه أول من أمس.
وقالت مصادر برلمانية جزائرية لـ«الاتحاد»: «إن أزمة رئاسة المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الثانية في البرلمان) كانت مرشحة للاستمرار حتى شهر أكتوبر المقبل، في حالة عدم استقالة معاذ بوشارب رئيس المجلس».
وقالت المصادر التي تنتمي لحزب جبهة التحرير الوطني الذي ينتمي له بوشارب: «إن الثلاثاء كان آخر يوم في الدورة البرلمانية الحالية، وإذا لم يستقل بوشارب كان سيظل رئيساً للمجلس حتى انعقاد الدورة المقبلة في أكتوبر المقبل».
المصادر ذاتها قالت: «إن بوشارب كان يحاول التمسك بمنصبه أطول فترة ممكنة للتمتع بالحصانة البرلمانية، لأنه مدرك أنه قد ينتهي به الأمر نزيلاً في سجن الحراش، مثل بقية المسؤولين السابقين المتهمين بالفساد». وأشارت إلى أن بوشارب يواجه اتهامات بالتزوير في جمع توكيلات المواطنين لترشح الرئيس السابق بوتفليقة للفترة الرئاسية الخامسة في فبراير الماضي، وبالتالي قد يتعرض للحبس المؤقت على ذمة التحقيقات إذا استقال أو ترك منصبه.
ومنذ استقالة بوتفليقة مطلع أبريل الماضي، تم ملاحقة عدد من رموز نظامه قضائياً، أبرزهم شقيقه السعيد بوتفليقة، والجنرال محمد مدين الشهير باسم الجنرال توفيق، والجنرال عثمان طرطاق المعروف باسم البشير، بتهمة التآمر على سلطة الدولة والجيش، إضافة إلى ملاحقة أحمد أويحيى وعبد المالك سلال رئيسي الوزراء السابقين، وعدد من الوزراء والولاة وكبار المسؤولين السابقين والحاليين، بتهمة الفساد المالي، بالاشتراك مع عدد من رجال الأعمال، وأودع عدد منهم قيد الحبس المؤقت في سجن «الحراش» بالجزائر العاصمة، فيما وضع آخرون قيد الرقابة القضائية.
وتمثل استقالة بوشارب من منصبه باباً للخروج من الأزمة الحالية، إذ تمثل استجابة لمطلب رئيس من مطالب الحراك الشعبي، يمكن البناء عليه.
وعلمت «الاتحاد» بأن الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح سيلقي خطاباً للشعب الجزائري بمناسبة ذكرى الاستقلال يوم 5 يوليو الجاري، يعلن فيها عن خطوات وقرارات مرتقبة، تساهم في الخروج من حالة الانسداد السياسي الحالية.
من جانبه، أكد صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة (الغرفة الأولى في البرلمان) الجزائري بالنيابة، أمس، أن عوامل الحوار الجاد والمسؤول بدأت تنضج تدريجياً، داعياً الفاعلين السياسيين إلى تجاوز الخلافات من أجل إنجاح هذا المسعى.
وقال قوجيل: «إن عوامل الحوار الحقيقي والجاد والمسؤول بدأت تنضج تدريجياً من خلال خطابات نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح»، مشيراً إلى أن التفكير ينبغي أن يكون خلال هذه المرحلة المهمة التي تعيشها البلاد في مستقبل الجزائر، ومكانتها في المحافل الدولية.